السبت، 6 سبتمبر 2008

العصر البطلمي - الثورات القومية 2

العصر البطلمي arrow الثورات القومية arrow الثورة في عهد فيلوباتور

2.الثورة في عهد فيلوباتور

طباعة أرسل لصديق
أننا لا نعرف عن عهد فيلوباتور أكثر مما تحدثنا به المصادر الأدبية عن سياسته الخارجية وحياته الخاصة وحياة قصره ، فإن وثائق هذا العهد المؤرخة بدقة قليلة وفي أغلب الأحوال غير ذات بال ، ومع ذلك يبدو أنه كان لحكم هذا الملك ونشاط كبير وزرائه سوسيبيوس من الأثر في تطور تاريخ مصر أكثر مما توحي به المصادر الأدبية .

ومن المحتمل أنه في خلال الاستعدادات لمحاربة أنطيوخوس الثالث، وكذلك في خلال الثورة القومية التي أعقبت ذلك، أدخل فيلوباتور وسوسيبيوس بعض التعديلات على النظم المالية والإدارية لمواجهة تكاليف هذه الأعباء فضلاً عن تكاليف العطايا السخية التي أجزلها فيلوباتور لجيشه وللمعابد بعد رفح. إذ يلوح أنه قد زيدت بعض الضرائب وإيجارات الأراضي الملكية بوجه خاص، وأنه قد عرضت ضرائب جديدة، حتى أن بعض المؤرخين يرون أن بطلميوس الرابع هو الذي أنشأ ضريبة الرأس. ومن المحتمل أيضًا أن ازدياد نفقات الحكومة وفي الوقت نفسه نقص مواردها، نتيجة لتدهور مرافق البلاد الاقتصادية منذ أواخر القرن الثالث، أديا إلى إزدياد التشدد في جمع الإيجارات والضرائب وكافة استحقاقاتها. وإلى الإكثار من الأعباء والالتزامات غير العادبة .

ولابد من أنه قد ترتب على كل ذلك إدخال بعض التعديلات على نظام الإدارة الحكومية، إذ ترينا وثائق القرن الثاني بعض التعديلات الهامة في الإدارة الماية، مثل تقوية العنصر الإداري وتنظيم العلاقات بين الموظفين المسئولين عن جمع الضرائب تنظيمًا دقيقًا. وإزاء افتقارنا إلى وثائق من عهد بطلميوس الرابع لا نستطيع الجزم إذا كانت هذه التعديلات ترجع إلى عهده، وإن كان ذلك غير مستبعد. ولما كان ازدياد التشدد في جمع الضرائب، وفي تنفيذ قواعد المسئولية المادية الملقاة على عاتق الموظفين والملتزمين وضامنيهم، قد أدى إلى مصادرة الأملاك في كثير من الأحيان، فلابد من أن تكدس هذه الأملاك المصادرة قد أفضى إلى إنشاء إدارة خاصة لتتولى أمرها. ومع أن أقدم الأدلة التي لدينا عن وجود إدارة حساب الملك الخاص (Idios logos) ترجع إلى عام 179 ق.م.، فإنه يظن أن هذه الإدارة قد أنشئت أو أعطيت أهمية متزايدة في عصر بطلميوس الرابع .

وقد عرفنا أنه من بين الوسائل التي لجأ بطلميوس الرابع لمحاربة أنطيوخوس الثالث إدماج الجنود المصريين لأول مرة في صلب الجيش العام، بعد أن كانوا لا يؤلفون حتى ذلك الوقت إلا الفرق الإضافية في الجيوش البطلمية. وقد كان ذلك تغييرًا خطيرًا في سياسة البطالمة، أملته عوامل مختلفة ربما كان في مقدمتها إرضاء الكرامة المصرية، إذ لا يبعد أن الحكومة كانت تخشى أن يتكرر في خلال هذه الحرب، وقت أن كان العدو على مقربة من الحدود المصرية، ما حدث في أثناء اشتباك بطلميوس الثالث في حربه السورية. ولذلك يبدو أن الحكومة قد استفادت من عبرة الماضي، وحاولت بإدماج المصريين في صلب الجيش إعطاء هذه الحرب طابعًا قوميًا، لتضمن سلامة مؤخرتها من أن تتهددها ثورة قومية ونرجح أنه قد ساعد على هذا التغيير ما كان قد لمسه فيلوباتور وسوسيبيوس من فتور روح الإغريق وتراخيهم، فقد وصل إلينا التماس رفعه إلى الملك أحد أرباب الاقطاعات ـ أي أحد الجنود الذين منحو أراضي ليكونوا رهن إشارة الملك في أي وقت ـ لإعفائه من الخدمة العسكرية لأنه يفضل البقاء في أرضه!.

لقد نجحت سياسة فيلوباتور في كسب الحرب، لكنها تمخضت عن نتائج خطيرة بعد ذلك مباشرة، ذلك أن الجيش ما كاد يعود مظفرًا من موقعة رفح حتى اشتعل لهيب الثورة بين المصريين. وقبل أن نتتبع هذه الثورة يجدر بنا أن نشير إلى أن الجو كان مشبعًا بالاضطراب أبان حكم فيلوباتور قبل هذه المعركة وبعدها. فقد عرفنا أن هذا الملك المستهتر الضعيف، الذي كان واقعًا تحت تأثير بطانة من أهل السوء لا يعرفون الضمير وازع، قد قضى في بادية حكمه على عمه ليسيماخوس وأخيه الصغير ماجاس وأمه الملكة برينيكي، وزاد الأعباء المفروضة على المصريين. وقد عرفنا أيضًا أن كليومنيس، ملك أسبرطة المنفي وضيف ملك مصر، حاول حيث الإسكندريين على الثورة، لكنه لم تكن لهذه الحركة نتيجة سوى القضاء على مدبرها. وقد عرفنا كذلك كيف أن ثيودوتوس، حاكم جوف سوريا البطلمي، خان سيده، لأن نجاحه في صد هجمات أنطيوخوس الأولى أثار عليه حقد رجال البلاط، فأصبح لا يأمن على حياته مما دفعه إلى الانضمام إلى أنطيوخوس. فلا عجب إذن أن المصريين، عندما استشعروا قوتهم بعد انتصارهم في موقعة رفح ولمسوا أدلة ضعف فيلوباتور وجوره، قدهبوا ثائرين على ما كانوا يلقونه من صنوف الظلم والإرهاق.

أن المصادر القديمة لا تعطينا مع الأسف معلومات وافية عن هذه الثورة، التي سنروي أولاً أخبارها لنتعرف ماهيتها ثم نناقش أسبابها ونتائجها. ويحدثنا بوليبيوس بأن المصريين، وقد ازدهوا إعجاباً بانتصارهم في موقعة رفح، أصبحوا لا يحتملون الخضوع لسادتهم، فأخذوا يبحثون عن زعيم يقود ثورتتهم، ولم يطل بهم البحث عن ضالتهم المنشودة. ويضيف بوليبيوس إلى ذلك أنه عندما اضطر فيلوباتور إلى ترك حياة اللهو لمحاربة المصريين، خاض ضدهم غمار حرب خلت من المعارك المنظمة ومن كل شيء جدير بالذكر، فيما عدا ما ارتكبه الفريقان من القسوة والجرائم الأخلاقية.

وإذا كانت النبوءة الديموتيقية، التي سبقت الإشارة إليها، ترجع إلى هذا الوقت، فلا يبعد أن زعيم هذه الثورة كان من هيراكليوبوليس (أهناسيا المدينة)، لأن هذه النبوءة تذكر أن أحد رجال هذه المدينة سيحكم البلاد بعد الأجانب (الفرس) والأيونيين (الإغريق). ويظن أن الثورة بدأت في مصر الوسطى والدلتا، لكنه في العام السادس عشر من حكم فيلوباتور (عام 207/206) كان لوارها مستعمرًا في مصر العليا أيضًا، إذ أن نقوش معبد أدفو تحدثنا بأن أعمال البناء في هذا المعبد العظيم توقفت في ذلك العام، عندما اندلع لهيب الثورة هناك وكان الثوار يختبئون داخل المعبد. وتصف لنا وثيقة بردية من نهاية القرن الثالث جانبًا يسيرًا مما قام به بعض الثوار وسط أتون هذه الحرب، إذ تروي هذه الوثيقة، التي يبدو أنها جزء من تقرير لأحد رجال الشرطة، أنه في بداية الشهر هاجم المصريون الحراس واختبأوا في مركزهم. وبعد ذلك ظهر الحراس على مقربة من هذا المركز، فتقدم المصريون نحو المنازل المجاور وأحضروا عدة الهجوم عند منزل نختنيبيس المطل على ساحة المعبد وأنقضوا عليه، لكنهم أنسحبوا عندما أستعد الحراس ليهدموا عليهم جانبًا من السور. ويلاحظ كاتب التقرير أن المصريين لا يراقبون القرية كما أمروا في البداية، وذلك "لأن كالياس لا يقدم تقريره ...".

ويستدل من هذه الوثيقة على أن المصريين لم يشتركوا جميعًا في الثورة، وأن الثوار أعتدوا على بيت أحد المصريين لعله كان أحد مناوئ الثورة، وأن ثورة أولئك الأشخاص لم تنشأ في داخل القرية ولا يبعد أن أولئك الثوار الذين تتحدث عنهم هذه الوثيقة كانوا مزارعين واضطروا إلى هجر أراضيهم لارتفاع إيجارها أو لشدة وطأة أعمال السخرة في قريتهم، أو لعلهم كانوا أيضًا صناعًا أرهقتهم الالتزامات الجائرة أو كثرة العمل المضنية، فهجروا جميعًا قريتهم إلى الصحراء أو المستنقعات إلى أن جاء الوقت المناسب للهجوم على قريتهم. ومن الجائز أيضًا أن يكون الثوار قد جاءوا من قرية أخرى أو أي معقل للثورة، لرفع لوائها في هذه القرية ومهاجمة الموالين للأجانب.

ولم يعتد الثوار على بعض بيوت المصريين فحسب بل اعتدوا أيضًا على بعض المعابد المصرية، فإن قرار حجر رشيد، الذي أصدره الكهنة المصريون المجتمعون في منف في العام التاسع من حكم بطلميوس الخامس، يهنئ الملك الشاب على معاقبته الثوار الذين هاجموا المعابد وخربوها. وهذا يدل على أن بعض رجال الدين لم يساهموا في الثورة وأظهروا ولاءهم للنظام القائم، فاعتدى الثوار عليهم وعلى معابدهم. ويجب أن نفرق بين موقف كهنة آمون في مصر العليا الذين ناصبوهم عداء شديدًا. ويعزو بعض المؤرخين ولاء كهنة الوجه البحري إلى المنح التي جاد بها عليهم بطلميوس الرابع، ويعددها القرار الذي أصدره مجمع الكهنة في منف في شهر نوفمبر عام 217، وحفظه لنا نصب بيثوم باللغات الهيروغليفية والديموتيقية والإغريقية، فإن هذا القرارا يحدثنا عن الأموال الطائلة التي أغدقها بطلميوس الرابع على المعابد ورجال الدين. لكننا سنرى فيما بعد أن سبب ولاء كهنة الوجه البحري للبطالمة لم يكن المنح بل عداءهم لكهنة طيبة، غير أنهم استغلوا موقفهم ليفوزوا بمنح كثيرة من البطالمة. وجدير بالملاحظة في هذا القرار شيئان: وأحدهما أنه قد ورد فيه ما يفهم منه أن بطلميوس الرابع قد توج في منف على نهج الطريقة الفرعونية، وإذا صح ذلك فيكون هذا الملك أول من توج من البطالمة على هذا النحو. والآخر أن الألقاب الفرعونية قد ظهرت كاملة في النص الإغريقي لهذا القرار، وهذه هي أول مرة فيما نعلم تذكر فيها الألقاب الفرعونية كاملة في نصر رسمي إغريقي، فإنها لم ترد قبل ذلك في قرار كانوب مثلاً. ويبدو أن بطلميوس الرابع قد حرص دائمًا على استخدام ألقابه الفرعونية، فإننا نجدها ثانية في وثيقة بردية يبدو أنها تحوي قراراً ملكيًا، وكذلك في نقش مكتوب باللغات الهيروغليفية والديموتيقية والإغريقية، وهذه الوثيقة وهذا النقش من عهد بطلميوس الرابع. وينهض تتويج بطلميوس الرابع على نهج الطريقة الفرعونية، واستخدامه الألقاب الفرعونية حتى في النصوص الإغريقية، واهتمامه بشئون الديانة المصرية، وإدماج المصريين في صلب الجيش البطلمي العامل، دليلاً على اتجاه جديدة في سياسة البطالمة نحو المصريين، لكن كل ذلك لم يكف لإرضاء المصريين الذين هبوا ثائرين في وجه طغاتهم.

وقد كانت منطقة طيبة أحد معاقل الثورة الرئيسية، فإنها بزعامة أرماخيس (Armchis) ثم انخماخيس (Anchmachis)، وبمعاونة النوبيين فيما يظن، اشتبكت في صراع عنيف مع فيلوباتور ثم بعد ذلك مع ابنه ابيفانس. ويبدو من الوثائق أن منطقة طيبة انفصلت عن حكم البطالمة فترة دامت عشرين عامًا (من 206 إلى 186 ق.م)، وكان يحكمها إذ ذاك المكان النوبيان اللذان سبق ذكرهما، إذ أن الكثير من الوثائق الديموتيقية التي من تلك المنطقة مؤرخة بسنى أرماخيس أولاً ثم أنخماخيس ثانيًا، بل أن بعض هذه الوثائق مؤرخة بالعام الرابع عشر من حكم أرماخيس وبعضها الآخر بالعام السادس من حكم أنخماخيس. وليس في الوثائق ما يستخلص منه أن حكومة البطالمة قد جبت الضرائب من منطقة طيبة بعد العام السادس عشر من حكم فيلوباتور (عام 206)، وهو العام الذي يحدثنا أحد نقوش معبد إدفو بأن أعمال البناء قد أوقفت في خلاله في هذا المعبد، عندما اندلع لهيب الثورة وأحتمت إحدى فرق الثوار داخل المعبد واحتدم الصراع في الجنوب. وسنرى أن لهيب الثورة بقى مشتعلاً إلى أن أخضع أنخامخيس في التاسع عشر من حكم أبيفانس (عام 186 ق.م).

ويرى بوليبيوس أن أسباب هذه الثورة الجامحة أسباب قومية، ترتبت على التغيير الذي طرأ على توازن القوى بين الملك والمصريين، عقب انتصارهم في موقعة رفح. وترى الآنسة بريو أن هذه الثورة لم تكن قومية، وإلا لو كان الأمر كذلك لساهم فيها كل رجال الدين، وهي تستخلص من اعتداء الثوار على إحدى القرى وبعض المعابد أن أسباب هذه الثورة كانت اقتصادية اجتماعية، وأنه لم يشترك فيها إلا الذين تخلصوا من ربقة اقتصاد الدولة الخاصنق، وهاموا على وجوههم في الفيافي والقفار، وعاشوا عيشة قطاع الطرق، وهاجموا المراكز الاجتماعية المنظمة كالقرى والمعبد. ونحن نرى أن كلاً من هذين الرأيين يجنح عن جادة الصواب، لأنه إذا كان الأول قد أغفل العام الاقتصادي، فإن الثاني قد بالغ في هذا العامل وأهمل العامل القومي. حقًا للعامل الاقتصادي أثر بعيد المدى في حياة الناس، لكنه ليس كل شيء. ولا يمكننا أن ننتظر من كل أفراد أي شعب ، مهما سمت مداركهم وقوي الروح الوطني بينهم، أن يساهموا في أية ثورة قومية.

إننا لنعتقد أن الثورة التي وقعت في عهد بطلميوس الرابع لم تختلف كثيرًا في طبيعتها عن الثورة التي وقعت في عهد بطلميوس الثالث، والثورات التي وقعت في عهد البطالمة المتأخرين، لكن ثورة عهد بطلميوس الرابع كانت أخطر من سابقتها، لأن الجنود المصريين كانوا عندئذ أفضل تدريبًا وتسليحًا ورأوا فيمديان القتال في أثناء موقعة رفح أنها لا يقلون كفاية ومقدرة عن الإغريق والمقدونيين. وعندما عاد الجنود المصريون من انتصارهم في موقعة رفح إلى قرأهم وأخذوا يباشرون حياتهم العادية، ازداد أحساسهم بالألم من مركزهم الوضيع بالنسبة للأجانب، وحنقوا أكثر مما كانوا يحنقون في الماضي على الأعباء المتزايدة التي كان النظام الاقتصادي والمالي يفرضها عليهم. فلا عجب إذن أن انتهز رجال الدين المخلصون كل هذه الظروف واستنفروا وطنية المصريين ومشاعرهم الدينية، فهبوا ثائرين على طغاتهم وكل من لاذ بهم أو انتصر لهم أو تخلف عن موكب الوطنية.

ولا يبعد أن أحد العوامل الهامة، التي الهبت مشاعر المصريين ـ وخاصة في مصر العليا ـ ودفعتهم إلى الثورة ضد البطالمة، كان بقاء التقاليد الفرعونية في وادي النيل جنوبي مصر؛ لأنه إذا كان الغزاة المقدنيون والإغريق قد أخضعوا مصر نفسها، فإنهم لم يخضعوا كل دولة الفراعنة القدماء، أو بعبارة أخرى كل منطقة الحضارة المصرية. ولا شك في أنه عندما كان المصريون الوطنيون يرون تقاليدهم القديمة تسود ذلك الإقليم الواقع إلى ما وراء الحدود الجنوبية، كانت صدورهم تتأجج وطنية، وكانت تبدو لهم بارقة أمل في إحياء ماضيهم المجيد واسترجاع حريتهم العزبزة، فيدفعهم كل ذلك إلى البذل والفداء.

إن الشلل الذي أصاب سياسة مصر الخارجية على عهد بطلميوس الرابع يفسر عادة بإهمال هذا الملك للشئون العامة وبغرامة بحياة اللهو والمجون، لكن لعله كان للثورة المصرية التي لا نعرف عنها إلا النزر اليسير نصيب في هذا الشلل. إذ يبدو لنا بجلاء أنها كانت ثورة خطيرة اقتضت مجهودًا حربيًا خطيرًا وتمخضت عن نتائج اقتصادية فادحة، لأنها أنقصت اليد العاملة وعطلت الزراعة والصناعة في مناطق واسعة. ولا يبعد أيضًا أن تكون الاضطرابات التي عانتها مصر العليا قد أثرت في واردات مصر من الذهب عن طريق الجنوب، وفي العلاقات التجارية بين مصر وبلاد النوبة وكذلك بين مصر والصومال. ولذلك يبدو أن حكومة الإسكندرية، وقد شغلت بالشئون الداخلية، لم تجد وقتًا ولا مجالاً لمتابعة سياسة نشيطة في بحر أيجة، ولا للمحافظة على سلامة البحار مثل ما كانت تفعل في الماضي. وقد ترتب على ذلك أن فقدت مصر مكانتها الممتازة في حياة بحر أيجة التجارية، وإن نقصت مواردها من تجارة بحر أيجة. وإزاء سوء حالة البلاد الاقتصادية لجأت الحكومة في عهد بطلميوس الرابع ـ على نحو ما أوضحنا في معرض الكلام عن النقود ـ إلى إجراءاين خطيرين، وهما رفع القيمة الإسمية للعملة ثم إتخاذ البرونز قاعدة أساسية للنقد البطلمي.

ليست هناك تعليقات: